جامعات وجوامع - جدل التعليم الديني والمدني - د. عمار علي حسن - قراءة أحمد سراج

جامعات وجوامع 

جدل التعليم  الديني والمدني

إصدارات دار غراب للنشر والتوزيع

السعر 80 جنية

ما الذى يحتاجُ إليه (التعليمُ) المصرى، لينجوَ من أسرِ (التعاليم)، وهذا شرط جوهرى له؛ ليتمكن من المساهمة فى تكوين مواطن صالح قادر على خدمة بلاده؟ وما الذى يواجهه من عقبات فى مكونه الأصلى، وفى السياق الذى يحيط به، وفى العناصر المتقاطعة معه؟ يصحبنا الأكاديمى عمار على حسن عبر ما يزيد عن المائتى صفحة، والثمانية عشر فصلاً، فى رحلة مع التعليم المصرى، مركزًا على التعليم الأزهرى باعتباره التعليم الأول فى مصر منذ ألف ومائة عام تقريبًا.

الكتاب الصادر عن «دار غراب للنشر والتوزيع» فى 216 صفحة، يتناول عددًا من قضايا التعليم الجوهرية، ويمثل كل فصل قضية، وإن تشابكت الفصول فلأن القضايا تمسُّ أمنَ وطنٍ واحدٍ، وتنبعُ من مَعينٍ واحدٍ، أما المقدمة فإنها تحدد- إن جاز التعبير- المشكلة البحثية.

يُعنونُ عمارُ مقدمتَه بـ «على سبيل التقديم» وفيما يسميهِ البلاغيون «براعةَ الاستهلالِ» يطلقُ عمارُ طلقةَ ضوءٍ لتبينَ موضعَه، وأهميةَ موضوعِه: «يعدُّ التعليمُ أداةَ المجتمعِ الناجعةِ واللينةِ والطيعةِ لخلق أفراد أسوياء، قادرين على تحقيق الأمن للمجتمع بمعناه العميق والشامل، وتمثيل ثقافته، والمحافظة عليها وتطويرها» وفى أسطر قليلة يبين خطة كتابه ومنهجيته، منحازًا إلى فكرة بسيطة وشديدة العمق فى آن واحدٍ: «وعلينا إن أردنا أن نصلح تعليمنا أن نفرق بشكل واضح حاسم بين (التعليم) و(التعاليم)، فالأول ينهض به تعليم مدنى عصرى، لا يضع أمام العلم والمعرفة أى سدود أو قيود. والثانى سقط فيه كثيرون حين حولوا (التعليم الدينى) إلى محض تلقين وترديد وحفظ وخضوع وتسليم، زاحفين برؤيتهم تلك إلى مؤسسات تعليمنا قاطبة، التى لم تعد الأغلبية الكاسحة من المدرسين والأساتذة فيها يطرحون على تلاميذهم وطلابهم سوى سؤال واحد ممقوت: هل حفظت الدرس؟»، هنا مكمن الأزمة، اختفاء التعليم القائم على استثمار مهارات التفكير كافة مرورًا بالتحليل والتركيب والتطبيق، ووصولا إلى النقد وحل المشكلات والإبداع، وظهور مهارة واحدة هى المهارة الدنيا (الحفظ).. ولا نجاة وفق الكاتب إلا بأمرين: أن يكون شعار التعليم أولا هو الراية التى نتحرك تحتها، وأن يكون التعليم عصريًّا.

عمار على حسن - صورة أرشيفية

يفتتح عمار الكتاب بفصل: «عشرة عيوب للتفكير» وفيه يستعرض نتاج بحثه الميدانى ومتابعته المدققة لأنماط الحوارات الجماعية، فى مختلف المناطق وبين مختلف القطاعات، ويحدد عشرة أمراض: «الأدلجة، وندرة الأفكار الخلاقة، والركود، والشفاهية، والانحراف عن الجوهر، والاستعراض، والشكاية، والتناقض، والثرثرة» ويخلص عمار إلى أن هذه العيوب العشرة أولا: قابلة للإضافة، وثانيًا: أنها دليل على الوضع الصعب الذى آل إليه التعليم المصرى ونواتجه.

وينتقل إلى اكتشاف نقطة بالغة الخطورة فى فصله المعنون: «الأمية المنهجية» وهى عدم أهميةِ الأطروحاتِ المصريةِ من ماجستير ودكتوراة، على كثرتِها، لأن معظمَ هذه الدراساتِ يفتقدُ الدقةَ المنهجيةَ، والأصالةَ العلميةَ، والقُدرةَ على إِضافةِ شَىءٍ لافت، أو إبداعٍ جديدٍ، ومعِ هذا فالجامعاتُ مَاضيةٌ فى مَنحِ الدَّرجاتِ وفقَ آليةٍ بيروقراطية نالَها الفسادُ والعطب، كما أن الدراسات لا تتعامل مع وظائف البحث العلمى إلا فى الحدود الدنيا: «جَمع المتفرق» تاركة «تجلية الغامض» و«استكمال الناقص»، و«نقد السائد» و«ابتكار الجديد». إن خطر هذه الطريقة أنها تنتج متعلمين بلا تعليم، ومثقفين وهميين.

https://www.almasryalyoum.com/news/details/2390364



إرسال تعليق

أحدث أقدم