مسجون VIP للروائي محمد عباس داود


 
  VIPمسجون 

لا أعرف لماذا كلما نظرت الى الوراء لا أجد إلا السراب .
وفى هذا الضيق - على عكس ماقدرت - تتسع الرؤى ، وتتضح المعالم ، فيبدو لى وسط الظلمة مالم أره طول العمر ، ذلك العمر الذى امتد الى درجة أن قلت لنفسى : -
- كفى ، الى أين ؟
السكون أما أن يكون فراغاً تصبح فيه وحدك قشة هشة تائهة فى الكون ، لاهى على الأرض فترضى ، ولاهى فى السماء فتهنأ ، بل هى هكذا ، معلقة ، لاتعرف لها مقراً ولامأوى ، أو يصبح الفراغ فرصة لتعود به ومعه الى حيث تملأ لحظاته بما يلوح لك وما يدور بك ومعك من أفكار تتجسد وتتعملق لتصير حاضراً يتحدث عن أمسك ، أو أمس آخر ينافس حاضرك فى الوجود ، أو هى ربما خليط من أزمنة شتى تتحاور أمام عينيك ، وأنت كلما تقدمت بك اللحظات تتساءل : وماذا بعد ؟
الغرفة نصف مظلمة ، صرت أراها متسعة بما يكفى لأنثر عبر أرجائها المتخمة بالرطوبة أفكاراً شديدة الحرارة حيناً ، وحيناً آخر أفكاراً متدثرة بالحكمة .
الحكمة كما تبدو لى الآن تاج الفاشلين ، يبررون بها فشلهم ، ربما .
وربما هى ملاذ العقلاء الذين يضجرون من ضجيج الحياة وصراعاتها فيلجأون الى الابتعاد واختيار الظل طوعاً ، أو هى فى مثل حالتى رغماً عنهم ، يلجأون اليها، يتوارون خلفها ويسكبون حيرتهم بين يديها ، وحين تضعهم على شط نهرها الجارى يرون صفاء مائها وسلاسة جريانه ، فيدركون من أمرهم مالم يدركوه من قبل .

السعر 70 جنية

ISBN: 978-977-786-114-4

إرسال تعليق

أحدث أقدم